مقدمة أخلاقيات اليوجا
في مقال مكونات اليوجا ال8 للوصول للسلام تطرقنا ل8 أركان تكتمل بها ممارسة اليوجا. وبداية هذه الأركان هي أخلاقيات اليوجا والتي تنقسم إلى قسمين.
الياما (أخلاقيات اليوجا المجتمعية)
الياما في اليوجا هي الأشيا التي لا يجب فعلها. أو بالأصح هي النواهي من الأشياء التي قد تعيقك كممارس لليوجا. وتتكون من 5 نواهي مفصلة كما يلي:
لا تتسبب في الأذي\الالم (أهيمسا)
الجزء الأول وهو ما يعرف لدى رواد اليوجا ب(أهيمسا). أهيمسا في اللغة السنسكريتية تعني (لا تسبب الألم). في بعض الترجمات تترجل للا تقتل. ولكن المعنى المقصود منها هو أن لا تكون سببا في الألم. سواء كان هذا الألم بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وسواء كان هذا الألم لمن هم حولك من أفراد أو لما هم حولك في البيئة المحيطة بك أو حتى لنفسك. والتسبب بالألم من الأشياء المؤذية. وما تهدف له ممارسة اليوجا هو ان لا نتسبب في الأذى. لذلك فإن الفعل الذي تفعله. أو القول الذي تقوله, أو حتى الفكرة التي تفكرها. إذا ترتب على هذه الأشياء اذية أو ألم لأي شيء او شخص على وجه الأرض فهو من منهيات اليوجا. ولا يجب القيام به إذ انه سيكون عائقا في طريق الوعي.
لا تكذب (ساتيا)
والتركيز في هذه النقطة أما ان يكون بأن يتحرى ممارس اليوجا الصدق. أو أن لا يكذب. ومن المعروف أن الصدق من الفضائل. و ألكذب صفة مزمومة و مرفوضة في كل المجتمعات. إلا أن المقصود هنا يتعمق أكثر لكون الإنسان أحيانا يقوم ببعض الممارسات التي تعد كذبا دون أن يدري. خاصة عندما يتعلق الأمر بالشخص نفسه. فنجد أننا في كثير من الأحيان نتبنى أفكارا جميلة وربما تبدو مثالية بالنسبة لنا. إلا أن تطبيقنا على أرض الواقع يكون مخالفا لما ندعي إيماننا به. هذا يعد من الكذب وهو ما يورث تناقضا داخليا يعيش فيه الشخص و يوثر سلبا على سلامته النفسية و العقلية أيضا.
لا تسرق (أستييا)
وهنا أيضا يتم التركيز في أن لا يسرق ممارس اليوجا. السرقة لها أبعاد كثيرة قد تبدأ من المفهوم المعروف للسرقة. أي أن أحصل على شيء ليس من حقي أن احصل عليه بطريقة غير مشروعة. ويتعمق المفهوم أكثر إلى سرقة الوقت من انفسنا. و ذلك حينما نقوم بتضييع الوقت وعدم عيش اللحظة. أو سرقة المشاعر. وذلك عند الاستمرار في علاقات لا نريد أن نواصلها و لكن لغرض مصلحة قد لا يوافق عليها جميع أطراف العلاقة. أو حتى السرقة في العمل. كأن تستخدم موارد العمل لأغراض شخصية دون الإذن من صاحب العمل بذلك. وغيرها من ممارسات صغيرة قد لا ننتبه لها لأن مفهوم السرقة في وعينا يقتصر فقط على المفهوم الظاهر وليس الممارسات اليومية دون انتباه.
لا للفحش (باهماتشاريا)
من أخلاقيات اليوجا المهمة هو الاستخدام الصحيح للطاقة. وتحديدا هنا الطاقة الجنسية. حيث ان مفهوم تبادل الطاقة بين شخصين يكون له تأثيرات عميقة على الشخصين. فيجب الحرص على أن لا تتم مشاركة هذه الطاقة إلا في مساحات امنة. كممارسة الجنس داخل إطار الزواج. حتى لا يترتب على الممارسات الجنسية الخاطئة تشتيت للطاقة أو استخدامها في غير موضعها مما يؤدي إلى اختلال طاقي قد يؤدي لنتائج غير مرغوبة. ويعبر عن الاستخدام الخاطئ للطاقة الجنسية بالفحش لأنه الجنس في فلسفة اليوجا من الممارسات المقدسة التي تتؤدي لرفع الوعي إذا ما تمت ممارستها في بيئة سليمة و بطريقة صحيحة.
لا للجشع أو الطمع (أبيرقاها)
والجشع أيضا من الصفات المذمومة بصورة عامة. ولكن هند الانتباه لكيف نمارس الجشع والطمع دون ان ندري. نستدرك أننا ربما نؤثر على حياتنا تأثيرات سلبية فقط بعدم الوعي لممارساتنا بعمق. حيث أن الجشع قد يكون من خلال الزيادة في الأكل خوفا من ان تنتهي الطبخة الجميلة. أو من خلال الإمساك في العطاء خاصة في العمل أو الدراسة خوفا من فقد ما يميزنا عن أقراننا. وغيرها من الممارسات اليومية التي قد لا نلاحظ انها تربي وحشا في داخلنا قد يظهر في مواقف لا نتوقعها بطرق لا نريدها. وقد يكون لذلك تاثيرا سلبيا على حياتنا في المستقبل القريب او البعيد.
النياما (أخلاقيات اليوجا الشخصية)
وهي مجموعة من الصفات التي يجب ان يسعى للتحلي بها ممارس اليوجا. للوصول للسلام النفسي. وهي بدورها تنقسم لخمسة أقسام مفصلة كما يلي
النظافة (ساوتشا)
قد يبدو الحديث عن النظافة كصفحة حميدة بديهيا. ولكن حين التعمق أكثر نجد انه يشمل نظافة الأفكار والمشاعر و كذلك الجسد داخليا و خارجيا. فنظافة الأفكار تكون من خلال ممارسة التأمل للتخلص من الأفكار السلبية. ولا تعني الأفكار السلبية هنا الأفكار الناتجة من مواقف معينة ادت لخوف مثلا لأن هذا النوع من الأفكار يعد نتيجة طبيعية لحدث معين. ولا يندرج تحت الأفكار السلبية ولكنه قد يتأثر بها. وتعني الأفكار السلبية هنا التي تنشأ عند الإنسان دون أسباب حقيقة. إلا أنها انتشار لدوافع الشر داخله (كل منا لديه الدوافع الخيرةو الدوافع الشريرة) وكدزء من ممارسات اليوجا يجب ان ننظف أفكارنا. وبنفس الطريقة يجب أيضا تنظيف المشاعر. يعد الصيام من الممارسات التي يتم من خلالها تنظيف الجسد من الداخل وتنظيف الأفكار والمشاعر أيضا.
القناعة (سانتوشا)
والقناعة هنا لا تتنافى مع الطموح. ولكن تعني هذه النقطة تحديدا ان يعترف الشخص بما لديه أو الوضع الحالي. بصورة تمكنه من المضي قدما والوصول إلى ما يطمح له.
معرفة النفس (شافدايا)
يجدر الذكر بأن التعلم عن النفس وزيادة المعرفة عنها. من أهم أخلاقيات اليوجا. أو يمكن ان نقول أنها من الأساسيات التي ينبعها ممارس اليوجا ليرتقي بوعيه. لذلك نجد ان ممارسة اليوجا الممثلة في التمارين الرياضية. تؤدي إلى رفع الوعي بالجسد. وممارسة اليوجا ببطء فيما يعرف بالين يوجا تساعد على معرفة المشاعر والأفكار. وممارسة ما يعرف بالنيدرا يوجا تساعد على معرفة ما يعرف بالعقل اللاواعي. وكأن ممارس اليوجا يظل في حالة دراسة لنفسه لا تنتهي إلا بنهاية حياته
التوبة (تاباس)
التوبة هنا ليست من منطلق ديني ولكنها تتجه نحو تحمل المسئولية. جميعنا نقوم بأعمال أو نتخذ قرارات نظن أنها الأفضل و لكن نكتشف لاحقا أن لها عواقب لم تكن في الحسبان. وهو أمر طبيعي وصفة إنسانية. المهم هنا أن نتحمل مسؤولية هذه الاعمال والقرارات كأن نتعامل مع هذه العواقب بصورة مسؤولة .
التفاني(إشفرابرانيدا)
المقصود بالتفاني هنا ما نطلق عليه الإتقان. او الإحسان
أخلاقيات اليوجا كالعقد الإجتماعي
هذه الصفات انفة الذكر. والتي إذا طبقها أفراد المجتمع الواحد بما يتناسب وثقافتهم الجمعية. تؤدي إلى ان يعيش أفراد هذا المجتمع بسلام. أو لنقل بطمأنينة وكأن بينهم اتفاق مبرم على كيفية التعامل مع بعضهم البعض. كما أنها تكاد تكون مشتركة في جميع الرياضات الأخرى. وجميع المهن الأخرى أيضا. فاليوجا ليست منفصلة عن التكوين الانساني وتطور الإنسان في ضبط التعامل المجتمعي حتى لا تعمل الفوضى. ففي هذا السياق نجد أن اليوجا ربما تعامل كعلم اجتماع
ختاما
وفي الختام. فإن موضوع أخلاقيات اليوجا ليس نظاما ملزما كالانضمام لأخوية ما أو اعتقاد معين. وإنما هي مقترحات لعمل مجموعة من الممارسات التي ثبت عن طريق الممارسة أنها تؤدي لرفع درجة الوعي عند الممارس. كما انها تساعد على تحسين جودة الحياة بصورة عامة. سواء على مستوى الفرد أو الجماعة.
لمزيد من المعلومات عن أخلاقيات اليوجا يمكن مراجعة مقال ذا صلة باللغة الإنجليزية من هنا
Pingback: رياضة اليوجا - يوجتنا
Pingback: مسارات اليوجا الاربعة - ممارسات لرفع الوعي - يوجتنا