هل تساءلت يوما هل ممارسة اليوجا تعد أمرا صحيحا أم لا؟ وهل سمعت من ممارسي اليوجا عن فوائدها الكثيرة ولكن ذلك أدى إلى تناقضات داخلية تتعارض مع قيمك الشخصية؟ اليوجا ليست مجرد رياضة بدنية فقط، بل هي فلسفة عامة يمكن ان تمارس في مختلف نواحي الحياة. وتهدف لتحقيق التوازن والسلام الداخلي. في الثقافة الهندية فإن اليوجا يمكن ممارستها من خلال مسارات اليوجا الأربعة، وهي تطور للمفاهيم الأساسية لليوجا عبر التاريخ.
في هذا المقال، سنتعرف على مسارات اليوجا الأربعة، وكيف يمكن تطبيقها في حياتنا اليومية لتبني أسلوب حياة متكامل يتوافق مع قيمنا الثقافية والدينية.
ما هي مسارات اليوجا الأربعة؟
مسارات اليوجا الأربعة هي أسس أو طرق مختلفلة ممارسة اليوجا في مختلف النشاطات. تمكن هذه الممارسات من الوصول لنفس النتيجة وهي التوازن النفسي والشعور بالسلام الداخلي.
في الثقافة الهندية يمكنك ممارسة اليوجا من خلال أربعة ممارسات وهي كارما يوجا (يوجا العمل) ، بهاكتي يوجا (يوجا الإخلاص)، جنانا يوجا (يوجا العلم، راجا يوجا (يوجا قوة الإرادة). لكل مسار من هذه المسارات طريقة مختلفة للممارسة. في الأجزاء التالية من هذا المقال سنتطرق بصورة مختصرة لكل مسار. وسنقوم بتفصيل كل مسار على حدة في مقال منفصل. سنقوم أيضا بتبيين النشاطات المكافئة لهذه النشاطات في ثقافتنا العربية والإسلامية حتى لا يتعارض ما تسمعه من الثقافة الهندية مع معتقداتنا الإسلاماية وقيمنا العربية.
كارما يوجا (طريق العمل)
كارما يوجا هو المسار الذي يركز على الفعل غير الأناني وخدمة الآخرين دون انتظار مقابل. يعتمد هذا المسار على الالتزام بالعمل بدون التعلق بنتائج هذا العمل، وهو يعزز مبدأ العطاء والبذل في الحياة اليومية. من خلال ممارسة كارما يوجا يقوم الممارس بتنظيف نفسه من أمراض القلوب التي تؤدي إلى مشاكل في المجتمع من جشع وأنانية وغيرها من الأمراض. خاصة واناه ترتبط عقديا لدى الهنود بفكرة الحيوات التالية التي تعتمد كليا على حياتك الحالية. لذلك فإن الوصول للسلام النفسي من خلال كارما يوجا يتمثل في فكرة العمل والحرص على أن لا يكون بدوافع انانية.
في الثقافة الإسلامية، يتساءل الكثيرون: هل اليوجا حرام؟ الحقيقة أن الإخلاص في العمل مهم كان بسيطا او معقدا هي من الأساسيات في الحياة. حيث انك كإنسان عليك الإخلاص والاتقان في عملك مهم كان، وإلا لا تقم به. هذه القيمة أي قيمة الإخلاص والإحسان هي القيمة التي عند ممارستها في حياتنا العملية. نصل إلى راحة البال وارتياح الضمير. أي أننا كمسلمين لا نحتاج لما يعرف بالكارما يوجا كأحد مسارات اليوجا الأربعة حتى نصل للتوازن النفسي حيث أنها كممارسة تهدف لرفع فكرة الضمير. نحن كمسلمين نمارس ما يعرف بالتقوى في حياتنا اليومية. وبذلك، فإن مسار الكارما يوجا لا حوجة لك به إذا ما كنت مسلما حقا.
بهاكتي يوجا (طريق الإخلاص)
بهاكتي يوجا هو مسار الحب والإخلاص لله. يعتمد هذا المسار على تقديم المحبة غير المشروطة والتسليم الروحي الكامل، وهو يعزز العلاقة الروحية بين الفرد وخالقه.
الكثير من ممارسي اليوجا يرون أن بهاكتي يوجا يتماشى مع فكرة التفاني لله، وهو ما يتوافق مع العديد من القيم الدينية الإسلامية التي تركز على الحب والإخلاص الكامل لله. من خلال التأمل والدعاء، يمكن للفرد تعزيز هذا المسار الروحي. وللكن بالنظر نظرة ثاقبة. فأنت كمسلم أيضا لا حاجة لك بالباهكتي يوجا. حيث ان الرابط بين العبد وربه رابط شخصي يتمثل في العبادات والنشاطات الروحية الإسلامية التي نقوم بها في عقيدتنا. أنت كمسلم او مسلمة تقوم بتقوية الرابط بينك وبين اللع هز وجل من خلال صلاتك ودعائك وذكرك أو حتى من خلال التأمل في مخلوقات الله والتدبر في حياتك اليومية. وليس من خلال المحبة غير المشروطة.
يجد البعض في الممارسات الصوفية مرادفا للبهاكتي يوجا. ولكن ليس جميع المسلمين يمارسون الصوفية. ورغم ذلك فإنت كمسلم لديك من النشاطات التي تبني في داخلك حب الله عز وجل والثقة فيه ما يغنيك عن أي ممارسات أخرى سواء كانت بايم اليوجا او بأي اسم اخر. لذلك لا تنزلق في منزلقات المعاني الرنانة التي تدعي بتوافق فلسفات مختلفة مع الثقاف الإسلامية. ففي نهاية الأمر لكل شخص حسب عقيدته طريقة في التفكير تختلف عن الاخرين.
جنانا يوجا (طريق المعرفة)
جنانا يوجا هو مسار الحكمة والتمييز بين الواقع والوهم. يعتمد على البحث الداخلي والتأمل للوصول إلى الحقيقة المطلقة. يسعى ممارس هذا المسار إلى فهم عميق للطبيعة الإنسانية والعالم من حوله.
يمكن أيضا ان تكون الجنانا يوجا مرادفا للبحوث العلمية والتفاني في فهم العلوم المختلفة والاعتبار من خلالها وزيادة الإيمان. في حقيقة الأمر فإن الجنانا يوجا هي المسار الذي من خلاله يكتسب الشخص العلوم وبالتالي الحكمة في الحياة. وحتمية طبيعية لكل من يبحث في نفسه وفي الحياة من حوله. لذلك فإن فكرة الجنانا يوجا والفلسفة العميقة من حولها ليست إلا فكرة طلب العلم. وكل شخص يجد في علم معين شغفا ما ما عليه إلا ان يعتبر من خلال بحثه وتدقيقه في هذا النوع من العلوم في رحلة حياته. وهو أمر محبب ولا يتعارض مع تعاليمنا الإسلامية في شيء ولكن لا نحتاج بتسمية هذا الأمر بالجنانا يوجا بل هو بكل بساطة طلب العلم.
راجا يوجا (طريق التأمل وقوة الإرادة)
راجا يوجا يركز على التأمل والسيطرة على العقل والجسد من خلال التمارين التأملية والتنفس. يهدف هذا المسار إلى تحقيق التوازن الداخلي والسلام من خلال تدريب العقل على الهدوء والتركيز. وهو اكثر أنواع اليوجا انتشارا وشيوعا اليوم وهو المتمثلة في التمارين الرياضية وتمارين التنفس المختلفة التي تكسب المرء التحكم في عقله. ويمكن أيضا الوصول لهذا الأمر من خلال أي نوع من الرياضات الأخرى، غير أن التمارين الرياضية التي تتبع مبدأ اليوجا تتميز في أناه تصطحب التنفس والوعي بالجسم حتى لا تتم أذيته بالتمارين الصعبة. وهذا الأمر لا يعتبر ممارسة دينية بتاتا بل هي ممارسة رياضية بامتياز. وتساعد ممارسة اليوجا على الوعي بالجسم والتواصل معه والتخلص من التوتر والقلق. ولهذه المسار في اليوجا عدة انواع تختلف حسب ممارسها وامكانيات جسده وجميعها تؤدي لتقوية الإرادة والزياة التواصل مع الجسم والنفس. يمكنك التعرف على انواع اليوجا المختلفة التي تمارس من خلال مسار الراجا يوجا في المقال عن انواع اليوجا
العلاقة بين المسارات الأربعة
بالنسبة لنا كمسلمين، لا تمثل مسارات اليوجا الأربعة أي شيء. بل الموضوع يعتبر شخصي بالمتياز حيث ان من وجد أن هذه المسارات يمكن ان تساعده في الحياة يمكنه اتباعها دون المساس بعقيدته الإسلامية. أما ما دون ذلك فإن لهذه الممارسات بدائل في ثقافتنا. فالكارما يوجا نستبدلها بفكرة الإحسان وقيمة التقوى في حياتنا وكل منا يقوم بتطبيقها كما يتناسب وقيمه الشخصية الحاكمة. الباهكتي يوجا يمكن ممارستها من خلال ممارسة المواهب المختلفة أو حتى النشاطات الطوعية في أوقات الفراغ. أما الجنانا يوجا فطريق القراءة والكتابة، أو حتى التطوير الأكاديمي يمكن ان يكون بديلا ممتازا إذا ما تحرى طالب العلم الإخلاص في ساعيه بما ينفع البشرية. و أخيرا فالراجا يوجا يمكن ممارستها كرياضة جسدية عادية سواء في المنزل منفردا أو في جماعات.
كيف تكون اليوجا اسلوب حياة؟
تعد ممارسة اليوجا كرياضة جسدية من الممارسات التي يمكن ان تؤثر في تأثيرا إيجابيا في كثير من نواحي الحياة. حيث أن تسلسل مراحل تمرين اليوجا يمكن ان يمثل طريقة لأداء المهام في حياتنا بصورة عامة. خاصة إذا كانت مهاما معقدة او صعبة، فيمكننا ان نقوم بتقسينها كما في مراحل تمرين اليوجا مما يجعل المهمة ممتعة وسهلة. في هذا المقال يمكنك القراءة اكثر عن مراحل تمرين اليوجا.
أيضا يمكن التركيز مع التنفس في تمرين اليوجا ان يمارس بصورة فعالة خلال اليوم مما يكسب الشخص فرصة لقليل التوتر، وأيضا المساعدة في التاني وعدم الإسراع في أي مهمة حتى لا نؤذي أنفسنا او ان نقوم بأداء مهامنا دون اتقان. إن تمارين اليوجا كأي تمارين رياضية اخرى يمكنها ان تنعكس في حياتنا اليومية بصورة فعالة. ويعد الفرق بين تمارين اليوجا وأي تمارين اخرى هي فروقات تفضيلية شخصية. فهناك من يفضل ممارسة السباحة، وهناك من يفضل الفنون القتالية، وهناك من يفضل ممارسة اليوجا.
تطبيق مسارات اليوجا الأربعة في الحياة اليومية
هنالك أشخاص قد لا يجدون في التمارين الرياضية تفضيلا. فيمكنهم ممارسة أي نشاط اخر. وبتحري مفهوم الإحسان يمكن أن يتواصل الشخص مع نفسه بقوة . أما فيما يتعلق بالوعي بالجسد فهذا الأمر يتم بصورة أفضل من خلال التمارين الرياضية، التغذية السليمة، والنوم الكافي. أي النشاطات المتعلقة بالجسم.
بالنسبة لمن يتساءل: كيف أمارس اليوجا كل يوم؟ يمكنك البدء بتخصيص وقت قصير يوميًا للتأمل والتمارين البدنية، ويمكن تخصيص أيام محددة، كل ما يهم هو المواظبة والتركيز أثناء التمارين. كما ان ممارسة مراحل تمرين اليوجا كما أسلفنا في النشاطات المختلفة خلال اليوم يمكن أن يعتبر ممارسة لليوجا حيث ان تمارين اليوجا حا هي إلا مبادئ معينة نقوم بها أثناء التمرين وننقلها إلى تفاصيل حياتنا لننعم بالهدوء والسلام النفسي.
العديد من الممارسين يتساءلون: هل اليوجا حرام؟ والإجابة تعتمد على فهمهم لفلسفة اليوجا وكيفية تطبيقها. اليوجا ليست عبادة بحد ذاتها، بل هي طريقة لتعزيز الوعي. عملية تعزيز الوعي في الثفاقة الهندية أطلق عليها مصطلح اليوجا. أما في الثقافة العربية والإنسانية فإن هذه المصطلحات تعد حديثة نسبيا وليس لها جذور عميقة في ثقافتنا. فهي علوم مستحدثة كغيرها من العلوم. نقوم بأخذ ما يفيد ونترك ما يتعارض مع التعاليم الاسلامية والعقدية بصورة صريحة. .
الختام: الوصول إلى السلام الداخلي من خلال مسارات اليوجا الأربعة
الوصول إلى السلام الداخلي يتطلب فهم وتطبيق مسارات اليوجا الأربعة في الحياة حسب ثقافتنا. حيث يشكل كل مسار جزءًا من رحلة الوعي الإنساني نحو السلام والهدوء النفسي. لذلك نحن في يوجتنا نقوم بالممارسات التي تساعدنا كأفراد بالوهي بأنفسنا. وبالوعي بالمجتمع من حولنا كمجتمع صغير. حيث ان النشاطات المختلفة التي يمكننا القيام بها في مجتمعنا الصغير والتس تساعد كل من بالارتقاء بذاتها ما هي إلا يوجتنا بطريقتنا. بعيدنا عن النقل الحرفي للثقافات الاخرى. .
في النهاية، إذا كنت ترغبين في تبني اليوجا كأسلوب حياة وتطبيق هذه المبادئ يوميًا، فإن الانضمام إلى مجتمع يوجتنا سيمنحك فرصة لممارسة التمارين الرياضية والجسدية يوميًا، بالإضافة إلى الانخراط في مجتمع يشارك نفس القيم والأهداف، مما يساعدك على تعزيز وعيك الذاتي وتحقيق السلام الداخلي. سجلي الآن وابدئي رحلتك نحو تحقيق الذات.
