أول ما يخطر على الأذهان عندما تذكر اليوجا. هو بعض الوضعيات الفيزيائية والتمارين الرياضية لزيادة المرونة أو لتقليل التوتر. غير أن مفاهيم اليوجا تعتبرعلم واسع والذي يستحوذ على تساؤلات كثيرة تمر بخاطر كل من يرغب في بداية أو تعلم اليوجا خاصة في منطقتنا العربية ذات الثقافة الإسلامية المحافظة. ولكن هل تتعارض مفاهيم اليوجا الأساسية مع العقيدة الإسلامية؟ هذا ما سنجيب عليه في هذا المقال.
أصول اليوجا
أصل اليوجا يعود إلى الهند القديمة ما يقارب 5000 سنة، حيث نشأت كجزء من التقاليد الفلسفية القديمة. تعود الجذور الأولى لليوجا إلى النصوص الفيدية القديمة والأوبانيشاد، التي قدمت الأساس الفلسفي لهذه الممارسة. كانت اليوجا جزءاً لا يتجزأ من حياة الحكماء واليوغيين الذين سعوا لتحقيق التوازن بين ممارسات الجسد وما يعيه الإنسان خلال رحلة الحياة. وأصل كلمة يوجا ينحدر من الجزر “يوج: في اللغة السنسكريتية القديمة والذي يعني الاتحاد. وقد مارس قدماء الهنود اليوجا على أساس أن تقودهم للتوازن والاتحاد بين الجسد والعقل والنفس والوعي بهم. (لقد أسلفت في مقال رياضة اليوجا تحفظي على فكرة رياضة العقل والجسد والروح واقمت باستبدال كلمة الروح بالنفس لمزيد من المعلومات راجع مقال رياضة اليوجا)
تطور الأصول الفلسفية لمفاهيم اليوجا
تطورت مفاهيم اليوجا عبر التاريخ في الفترات التاريخية المختلفة في الهند القديمة . حيث ان أقدم الممارسات كانت في العصر السارشافستي حيث توضح النقوش الحجرية القديمة إنسان ذلك الزمان وهو يقوم ببعض وضعيات اليوجا التي نمارسها اليوم. ثم تطورت إلى العهد الفيدي وفيه ظهرت كلمة اليوجا كاسلوب للحياة عن طريق تهذيب النفس وبناء إرادة الفرد.. إلى أن وصلنا للعهد الأبنشادي والذي ظهرت في اليوجا كتمارين رياضية للجسد وتقنيات للتنفس وممارسة التأمل.
كما ظهرت مسارات مختلفة لليوجا في كتاب الفقيتا وهو المرجع الاساسي للثقافة الهندوسية كما يعتبر مرجع أخلاقي لأخلاقيات اليوجا. هذه المسارات تساعد الانسان للارتقاء بوعيه مهم كانت ممارساته فيما يلي مسارات اليوجا الأربعة أو مسارات ومستويات الوعي في الثقافة الهندوسية:
- راجا يوجا: تترجم بمسار الإرادة. حيث انها تعنى بكل ما يتعلق بإصرار الإنسان على التطور. ويعتبر التأمل من النشاطات المهمة لتقوية الإرادة. كما ان اليوجا بالحركات الرياضية المعروفة اليوم. أو ما يعرف بالهاثا يوجا. هي من النشاطات التي تساعد الإنسان على ممارسة التأمل و بالتالي لتقوية الإرادة.
- كارما يوجا: مسار العمل هو ما تعنيه الكارما يوجا. وهذا المسار يعنى بانتباه الشخص لأفعاله و أعماله. أي أن يكون الشخص متحريا للصدق والأمانة في كل ما يعمل. حيث ان الكون يسير بقانون الفعل و رد الفعل. وقانون الجزاء من جنس العمل. فتحريك لأن يكون كل ما تعمل خيرا سيؤدي بك لنتائج حميدة أو خيرة في الحياة والعكس صحيح.
- بهكتي يوجا: هذا المسار والذي يطلق عليه الهنود مسار الحب أو الخدمة. يشبه في كثير من تطبيقاته الحياة عند الصوفيين. أو ببساطة هو الحياة بالحب الالهي الخالص. وأن تكون حياتك هي في خدمة الإله الذي أنعم عليك بنعمة الحياة. ومن منظوري الشخصي اعتقد أن فكرة البهكتي يوجا. هي ان تعيش بالإيمان. أن يكون لك نظام إيمان أو معتقد حتى لا تكون حياتك خاوية.جنانا يوجا: قد لا تكون من محبي النشاطات الفيزيائية والرياضية. كما انك لست شخصل صوفيا أو عاطفيا. بل و تمتلك عقلا تحليليا. وترغب في اكتشاف المزيد. وتزويد العالم بالعلوم المفيدة. كلما كانت نواياك سليمة في أداء ما ينمي العلم البشري. مهم اختلفت مساراته وتخصاته. بذلك تساعد نفسك على رفع الوعي. وكما هو معلوم. فإن العلم هو من العوامل المهمة جدا لرفع وعي الانسان.
مفاهيم اليوجا في اليوجا سوترا لبتنجالي
وقبل الميلاد بأربعمائة سنة ظهرت اول مخطوطة لبتنجالي فيما يعرف باليوجا سوترا. وهو النص المكتوب الذي يعتبر الأساس للمارسة اليوجا كما نعرفها اليوم. حيث أن مخطوطة اليوجا سوترا لبتنجالي بنيت على أساس مفاهيم متكاملة تساعد الانسان على الارتقاء في وعيه فيما يعرف بمكونات اليوجا الثمانية أو الاشتانجا يوجا. وهي 8 مفاهيم أساسية يقوم الفرد بتطبيقها سعيا خلف الارتقاء في وعيه الانساني.
أمثلة لمفاهيم اليوجا في اليوجا سوترا
- عرض خطوات ممارسة اليوجا الآن وهنا نجد أن اليوجا مثلها مثل كل مفهوم أو فلسفة. إنما يتم فهمها ووعيها عن طريق التجربة. وحتى يقوم الممارس بتجربة أمر ما. فإنه يحتاج لخطوات توضح الطريق. لذلك كان أول وأهم مفهوم من مفاهيم اليوجا. هو شرح الخطوات الأساسية لتكون ممارسا لليوجا. وأول الخطوات يتعلق بالعقل والتفكير. والذي يعتبر حجر الأساس في ممارسة اليوجا .وتشمل مفاهيم اليوجا نواحي طبيقية مختلفة في حياة الإنسان .
- اليوجا هي توجيه كل ما يعتمل في عقولنا من أحداث هنا يعرض الهدف من ممارسة اليوجا. أو النتيجة التي يصل إليها ممارس اليوجا من ممارسته. فهو المفهوم الذي تبنى عليه ممارسات اليوجا بكل انواعها. وأن من يستطيع توجيه عقله أو تقييده أو مراقبة عقله فهو ببساطة ممارس لليوجا.
مفاهيم اليوجا في العصر الحديث
بدأت اليوجا في الانتشار عند وصولها للغرب في بدايات القرن العشرين. حيث بدأ مجموعة من معلمين اليوجا الوصول لأمريكا وأوروبا ونشر اليوجا كرياضة ساهمت في تهدئة نفوس كثير من الانفوس المرهقة بفعل التطور والرأسمالية المرهقة. فتبناها الكثيرين كنظام للحياة خاصة وأن اليوجا في الثقافة الهندية تأتي مع مفاهيم أخرى مثل الغذاء والتنظيف وغيرها من المفاهيم الأساسية للحياة.
اسلوب الحياة في الشعوب الشرقية سواء في الثقافة الهندية أو الثقافة الصينية او الثقافة العربية متقاربة. فالثقافة في هذه المنطقة تفرض على الفرد اسس من ال النظافة الشخصية وطريقة في الغذاء للحفاظ على صحته وهو الامر الذي كان يفتقده الغرب حتى ظهور اليوجا والطرق الصوفية في ثقافتهم فتعلموا منها الكثير وتبنوها كأسلوب لحياتهم.
ومن أهم النتائج لتطور اليوجا في الغرب نشأة عدد كبير جدا من انواع اليوجا حسب الحوجة ولأغراض معينة. فيما يلي أنواع مختلفة لليوجا وممارستها وفوائدها والطرق المختلفة لتطبيق مفاهيم اليوجا المختلفة
نوع اليوجا | المفهوم الرئيسي | الفوائد الرئيسية |
---|---|---|
هاثا يوجا | هاثا يوجا تركز على التمارين الجسدية والتنفس لتحقيق التوازن بين الجسد والعقل. | – تحسين المرونة والقوة زيادة التوازن الجسدي تحسين الصحة العامة للجهاز التنفسي تقليل التوتر وتحسين الاسترخاء |
أشتانجا يوجا | أشتانجا يوجا تتبع سلسلة محددة من الوضعيات الجسدية المرتبطة مع التنفس لتحقيق التوازن بين القوة والمرونة. | – تحسين اللياقة البدنية والقوة تعزيز المرونة تحسين التنفس والانضباط تقليل التوتر وزيادة الاستقرار العقلي |
فيناسا يوجا | فيناسيا يوجا تركز على التنقل السلس بين الوضعيات الجسدية مع التنفس المستمر لتحقيق التوازن والتناغم. | – تحسين التوازن والتنسيق تعزيز القدرة على التركيز تحسين المرونة والقوة تحقيق الاسترخاء والتوازن العقلي |
ين يوجا | ين يوجا تركز على البقاء في وضعيات معينة لفترات طويلة لتعزيز الاسترخاء العميق وزيادة المرونة في الأنسجة الضامة. | – تعزيز المرونة في الأنسجة الضامة تحقيق الاسترخاء العميق تحسين التوازن الجسدي والعقلي تقليل التوتر وتحسين الوعي الذاتي |
تطبيق مفاهيم اليوجا في الحياة اليومية
نحن كمسلمين لا نحتاج إلى كثير من المفاهيم التي تحمل طابع الثقافة الهندية. فثقافتنا ثرية ومليئة بالتعاليم التي تساعد في تهذيب النفس. أما ما نستقيه من اليوجا فهو الرياضة الجسدية والتي أثبتت مفعولها الكبير جدا في الحفاظ على صحة متوازنة. ومن واقع تجربتي الشخصية مع اليوجا كرياضة فلها أثر كبير على الصحة الجسدية – والصحة النفسية – والصحة العقلية. كما انها تساعد بالفعل في رفع الوعي بالجسد والذي له أثر كبير في فهم البيئة من حولنا وفهم صورتنا الداخلية كما هي دون التأثر بالأوهام.
تطبيق مفاهيم اليوجا في الحياة اليومية هو الاستفادة من كل ما يطبق في حصيرة التمرين وعكسه في حياتنا بما ينفع. يمكن للممارسين تطبيق هذه المفاهيم في مختلف جوانب حياتهم لتحقيق توازن بين الجسد والعقل والنفس.
ممارسة التأمل
ممارسة التأمل هي إحدى الطرق لتطبيق مفاهيم اليوجا من خلال الجلوس في هدوء وتركيز العقل. يمكن تخصيص بضع دقائق يومياً للتأمل والتركيز على التنفس أو التكرار الداخلي لعبارات معينة كالأذكار أو التسبيح. يساعد التأمل في تهدئة العقل وتحقيق الهدوء الداخلي، ويعزز الوعي الذاتي والتركيز.
التنفس الصحيح
التنفس الصحيح هو إحدى تقنيات اليوجا التي تساعد في تحسين الصحة العامة والتركيز. يمكن تعلم تقنيات التنفس المختلفة مثل التنفس العميق والتنفس المتوازن وتطبيقها في الحياة اليومية. يساعد التنفس الصحيح في تحسين تدفق الطاقة في الجسم، وتقليل التوتر، وتعزيز الوضوح العقلي.
الوعي الجسدي
الوعي الجسدي هو فهم واستشعار الجسم بشكل عميق وفهم درجات الوعي المختلفة من خلال ممارسات اليوجا المختلفة. يمكن تطبيق هذا المفهوم من خلال التركيز على وضعية الجسم والتنفس أثناء الأنشطة اليومية مثل الجلوس والوقوف والمشي. يساعد الوعي الجسدي في تحسين الوضعية الجسدية، وتقليل التوتر العضلي، وتعزيز الشعور بالراحة الجسدية.
الأسئلة الشائعة حول مفاهيم اليوجا
ما هي أفضل طريقة لبدء ممارسة اليوجا؟
أفضل طريقة لبدء ممارسة اليوجا هي الانضمام إلى فصل للمبتدئين مع مدرب مؤهل والبدء ببطء ليتسنى للجسم التكيف. يمكن أيضاً الاستفادة من الموارد التعليمية المتاحة عبر الإنترنت مثل مقاطع الفيديو والدروس التعليمية. أو الانضمام لمجموعات يوجتنا لتمارين اليوجا الأونلاين
هل يمكن لليوجا أن تساعد في تقليل التوتر؟
نعم، يمكن لليوجا أن تساعد بشكل كبير في تقليل التوتر من خلال تقنيات التنفس والتأمل. تعمل هذه التقنيات على تهدئة الجهاز العصبي وتقليل مستويات الكورتيزول في الجسم، مما يساهم في تحقيق الاسترخاء العقلي والبدني.
كم من الوقت يجب أن أمارس اليوجا يومياً؟
يمكنك البدء بممارسة اليوجا لمدة 15-30 دقيقة يومياً وزيادة المدة تدريجياً حسب قدراتك واحتياجاتك. يعتبر الانتظام في الممارسة أهم من مدة الجلسة، حيث يمكن تحقيق فوائد كبيرة من خلال الممارسة المنتظمة حتى لو كانت لفترات قصيرة.
هل يمكن للجميع ممارسة اليوجا؟
نعم، يمكن للجميع ممارسة اليوجا بغض النظر عن العمر أو مستوى اللياقة البدنية. هناك أشكال وأنماط متنوعة من اليوجا تناسب الجميع، ويمكن تعديل التمارين لتناسب احتياجات وقدرات كل فرد.
ما هي الأدوات التي أحتاجها لممارسة اليوجا؟
يمكن ممارسة اليوجا بأدوات بسيطة مثل سجادة اليوجا وملابس مريحة. قد تحتاج بعض الأنماط إلى أدوات إضافية مثل الكتل والأحزمة، ولكن معظم الممارسات يمكن تنفيذها بدون أي أدوات خاصة.
خاتمة
يجدر القول أن مفاهيم اليوجا الممارسة اليوم ورغم اختلافها عن أصولها تحمل الكثير مما يساعد في الترقي بالوعي الإنساني. أو على أقل تقدير المساعدة على الوصول للتوازن في الصحة بصورة عامة. فاليوجا معروفة بفوائدها الكثيرة مع التوتر والقلق والاكتئاب وأيضا في زيادة التركيز وتحسين جودة النوم وغيرها من الفوائد. أيضا يمكن قراءة المقال عن اليوجا سوترا
Pingback: مكونات اليوجا ال8 للوصول للسلام - يوجتنا
Pingback: أهمية التعرف على درجات الوعي الإنساني في 2023 - يوجتنا
Pingback: The four paths of YOGA -