التأمل هو عملية ذهنية تركز على تدريب العقل لتحقيق حالة من الهدوء الداخلي والوعي العميق. يهدف ألمتأمل من ممارسة هذا النشاط إلى تهدئة العقل وتوجيه الانتباه نحو الحاضر، مما يساعد على تقليل التوتر والقلق، وتحسين التركيز والانتباه، وتعزيز الشعور بالراحة والسكينة. وهنالك أساليب مختلفة تتضمن تقنيات مثل التركيز على التنفس، تكرار العبارات كالتوكيدات او التأمل بفكرة معينة، وتأمل اليقظة.
إن الطريقة التي نعيش بها الحياة الحالية. جعلت من كل منا شخص شبيه بالماكينة الإنسانية. لا يفكر إلا فيما ينتجه. وحتى انفعالاته مرتبطة بعمله أو ما سيؤثر على انتاجه. وكأن الهدف من الحياة هو النتيجة التي نرغب بها. قد يبدو هذا الوصف غريبا للبعض. ففكرة أن نعيش لهدف ننشده ونرغب في الوصول إليه كنتيجة ليست فكرة سلبية. ولكنها قد تؤدي إلى نتائج أخرى قد يكون أثرها علينا أثر سلبي. فعندما يسأل أحدنا نفسه. متى جلست مع نفسي لمدة نصف ساعة وتأملت في أشياء أحبها؟ أو حتى تأملت في اللا شيء؟ قد تكون الإجابة لا أعرف. أو منذ وقت طويل. وقد يجيب بعضنا كل يوم ولكن مازال هناك شيء مفقود.
أن نتأمل بانتظام، أصبح من النشاطات المهمة في الأونة الأخيرة. حيث أن ضغوطات الحياة التي أدت إلى أن يبحث الناس عن ملجأ لهم بعيدا عن هذه الضغوطات، من ضمن مجموعة من النشاطات التي تاعد جميعها في تقليل ضغطوط الحياة وتمثل مهربا مريحا منها. .
فهم التأمل
يمارس الكثيرين نشاطا ما بطريقة أو بأخرى بهدف التركيز وتهئة الأفكار. ولكن ما هو التامل وما هي أنواعه؟ حيث أن هنالك كثير من المدارس والطرق تختلف في طريقة التطبيق والممارسة. إلا أن الأغلبية تتفق بأن للتأمل فوائد لا تحصى على مستويات مختلفة. وحتى نتمكن من ممارسة هذا النشاط ذا الفوائد العظيمة. لابد من أن نتطرق لأنواع الممارسات التي يمكن أن تعد تاملا.
- الجلوس في هدوء و الاستماع إلى صوت الطبيعة. سواء كان ذلك على الشاطئ أو في الغابة أو على سفح جبل. المهم أن تكون بعيدا عن الضوضاء المعتادة.
- الجلوس في صمت وغلق العينين ومراقبة التنفس في جلسة واحدة وعدم الحركة لمدة من الزمن
- الاستماع لموسيقى هادئة سواء في ضعية الجلوس المريح أو الاستلقاء
- المشي والاستماع إلى الموسيقى لمدة من الزمن
- الجلوس أمام شمعة أو أي أداة ثابتة. و التحديق بها لمدة من الزمن
ما يربط هذه الممارسات. هو ان الشخص المتامل يقوم بالابتعاد عن الضوضاء. ويحاول بقدر الإمكان أن لا يفكر في الأمور اليومية التي تملأ حياته في فترة ما. وقد يكون المتأمل في حالة رجوع بالذاكرة إلى وقت معيين كان يشعر فيه بالسعادة. أو تخييل وضع يرغب في أن يكون عليه ويتخيل أنه يشعر بالسعادة في هذه اللحظة.
إذا فالتأمل هو وسيلة لتهدئة الافكار. والتركيز مع اللحظة الحالية في مكان محدد.
وللوصول لهذه النتيجة يمكن القيام بذلك بعدة طرق. وما هي إلا تعدد في الإمكانيات التي تساعد الممارس للوصول للنتيجة السابقة. أي أن ما يمارسه شخص ما قد لا يكون مناسبا مع شخص آخر. وبذلك يمكنه أن يقوم بممارسة طريقة أخرى مختلفة للوصول لتهدئة الافكار والتركيز.
الفوائد التي نجنيها عندما نتأمل
كثير من الممارسين يتفقون على ان للتأمل فوائد كثيرة خاصة على المستوى العقلي والتركيز. غير أن هنالك فوائد أخرى قد تنعكس على الصحة الجسدية او حتى العلاقات الاجتماعية.
الفوائد الجسدية
- تعزيز اللياقة البدنية من خلال تقنيات التنفس والاسترخاء التي تساهم في تقليل التوتر.
- تعزيز النظام المناعي مما يزيد من مقومة الأمراض.
- خفض ضغط الدم عن طريق تهدئة الجهاز العصبي وتقليل التوتر المزمن
الفوائد العقلية
- تحسين التركيز والاتنباه عن طريق تدريب العقل على البقاء في اللحظة الحاضرة
- تعزيز الوعي الذاتي من خلال زيادة الفهم الداخلي للعواطف والأفكار.
- تحسين جودة النوم لانه يساعد على الاسترخاء.
- تخفيف التوتر والقلق والإكتئاب حيث انه يعمل على تهدئة العقل وتقليل الأفكار السلبية
الفوائد العاطفية
- تعزيز التوازن العاطفي مما يتيح للمارس التعامل مع المشاعر بصورة أفضل.
- زيادة الشعور بالسكينة مما يقلل التوتر والضغط اليومي.
- المساعدة على تحسين إدارة العواطف من خلال تعزيز القدرة على التعامل مع التحديات العاطفية بفعالية.
الفوائد الاجتماعية
- المساهمة في بناء المجتمع من خلال خلق مجموعات داعمة ومترابطة تشارك في الممارسات التأملية المشتركة.
- تحسين المهارات الاجتماعية عن طريق تعزيز القدرة على التواصل والعلاقات الشخصية
- يقوي من الشعور بالتعاطف مما يزيد من القدرة على فهم ومشاركة مشاعر الاخرين. مما يعزز العلاقات الاجتماعية.
كيفية الممارسة
للتأمل طرق كثيرة كما أسلفنا ولكن هنالك عوامل عدة قد تجعل منه نشاطا طبيعيا في كل يوم وكل لحظة. فهو تجربة شخصية بامتياز، أي أن لكل منا نشاطا يمكن ان يعد تأملا. فالكثير منا يمارس المشي كنوع من أنواع الرياضة والتركيز معا. كما أن اليوجا ايضا يمكن أن تعد تأملا لأنها تساعد على الوعي بالجسد وزيادة التركيز وعيش اللحظة.
علاقة التامل بحالة الجسد
في السابق لاحظت انني عندما أمارس الرياضة. ( وتحديدا عندما كنت أمارس رياضة كرة السلة). أنني عند ما اكون في التمرين. فإنني فعليا لا أفكر في أي شئ وإنما أقوم فقط بأداء التمارين. وعند انتهاء الوقت لا أشعر بأن الوقت قد مضى ببطء ولا بسرعة. ثم عدت لنفس الملاحظة عندما كنت أمارس السباحة. بإضافة حالة الهدوء والصمت التي اعيشها وأنا في الماء. ثم لاحظت نفس الملاحظة وأنا أمارس رياضة كرة الريشة. وأخيرا تأكدت الملاحظة عندما بدأت أمارس اليوجا. عندها فقط عرفت أن حالة الجسد لها علاقة وطيدة بالتامل. حيث أن الجسد عندما يكون يعمل بفعالية. فإن الشخص يكون تلقائيا في حالة تأمل. وكلما ارتفع الوعي بالجسم وأعضائه من خلال التمارين. كان من السهل على الشخص ان يمارس التأمل. أو ان يعيش تجربة تهدئة الأفكار والعيش في اللحظة.
أن تعيش مرتاحا في جسدك. أن تكون في حالة استرخاء ولكن في حالة نشاط في نفس الوقت. هو ما يمكن أن نسميه حالة تأمل مستمرة. أو أن يصبح تأملك أسلوبا للحياة. ومهم اختلفت تفاصيل الحياة وضغوطاتها. فهي أمر سينتهي حتما. اما الأمر المستمر هو وجودك في هذا الجسد. عش حالة السلام المستمر وانعم بحياة هانئة.
أمثلة لمدارس تأمل مشهورة
- تامل الفيباسنا مثلا. و الذي يعتمد الوعي بالجسد كفلسفة أساسية. في الفيباسنا يهدف النشاط للتواصل مع النفس بصورة حقيقية بعيدا عن اي مؤثرات يمكن ان تسبب تشويشا على الافكار والمشاعر وحتى الشعور بالجسد.
- تأمل إيكهارت تولي. والذي يعتمد الصمت والاستماع للداخل. من خلال الصمت يمكن ان تعود لنقطة التوازن دون السماح للنفس الدنيا بالتحكم في عقلك.
- التصوف. وهو يعد من اشهر المدارس في منطقة الشرق الأوسط ويعتمد التامل فيه بالأذكار وتكرار كلمات او عبارات ذات طاقة قوية لتحقيق التونير والوعي.
وغيرها من المدارس. جميعها يهدف كما أسلفنا لرفع الإنسان وعيه بنفسه والبيئة من حوله.
ويعتبر اختلاف المدارس من اختلاف طبائع البشر. واختلاف طبيعة شخصياتهم. واختلاف المواقف التي يمرون بها. فقد تحتاج نوع من التامل في وقت ما. و تحتاج لممارسة نوع أخر في وقت مختلف. كما ان هواية الشخص منا قد تعد تاملا إذا كانت تؤدي إلى تهدئة الأعصاب وتقليل التوتر وزيادة التركيز إضافة إلى العيش في اللحظز. أي أن نمارس ما نحب أن نمارسه قد تكون هذه لحظاتنا الخاصة بالتامل. وفي اعتقادي هذا أجمل الانواع وأكثرها فعالية.
التأمل والتدبر
كلاهما ممارستان تهدفان إلى تحسين الوعي والفهم الداخلي، ولكنهما تختلفان في التركيز والأسلوب.
الفرق | التأمل | التدبر |
---|---|---|
التركيز | تهدئة العقل وتحقيق الهدوء الداخلي | التفكير العميق والتحليل المستمر |
الأسلوب | التركيز على التنفس، تكرار العبارات، أو التركيز على الحاضر | استعراض الأفكار وربطها بالتجارب الشخصية والمعرفة العامة |
الهدف | تقليل التوتر وزيادة الوعي الذاتي | الوصول إلى فهم أعمق ومعرفة جديدة |
العملية | يعتمد على الصمت والانعزال الذهني | يعتمد على التأمل في المعاني والمفاهيم وتفسيرها بعمق |
النتيجة | تحقيق حالة من الصفاء العقلي | تعزيز الفهم الشخصي والروحي |
باختصار، أن تتأمل يعني أنك تهدف إلى تهدئة عقلك والتركيز على حاضرك، بينما أن تتدبر يعني أن تقوم بعملية تحليلية تهدف إلى فهم أعمق لأفكار.
الأسئلة الشائعة
ما هو أفضل وقت نتأمل فيه؟
يُفضل التأمل في الصباح لبدء اليوم بتركيز وهدوء.
كم من الوقت يجب أن أمارس التأمل؟
يمكن البدء بخمس إلى عشر دقائق يوميًا ثم زيادة الوقت تدريجيًا.
هل يحتاج التأمل إلى مكان خاص؟
يُفضل مكان هادئ ومريح بعيدًا عن الضوضاء.
هل يجب أن أكون في وضعية معينة؟
يمكن الجلوس بشكل مريح مع المحافظة على استقامة الظهر.
ماذا أفعل إذا تشتت ذهني؟
يجب ببساطة إعادة التركيز إلى التنفس بدون حكم على الأفكار المشتتة.
خاتمة
في الختام، التأمل هو أداة قوية لتعزيز الصحة الجسدية والعقلية والعاطفية والاجتماعية. من خلال تقنيات التنفس والتركيز، يمكننا تحسين اللياقة البدنية وتقليل التوتر وزيادة الوعي الذاتي وتعزيز التوازن العاطفي. بالإضافة إلى ذلك، يساهم التأمل في بناء مجتمعات داعمة وتحسين المهارات الاجتماعية وتعزيز التعاطف. بالممارسة المنتظمة والمستمرة، يمكننا تحقيق حياة أكثر توازنًا وسعادة وراحة نفسية.
ترقبوا كورس التأمل للمبتدئين و الممارسين قريبا على خدمات يوجتنا